طالما توهّم بعض الناس عند رؤيته للسحرة على الفضائيات أو على مواقع التواصل الإجتماعي أن السحرة قد نجحوا في حياتهم و ينعمون بالراحة و السعادة في الدنيا ولكن أنت لا تعرف الخفايا، أكمل قراءة هذا المقال لتعرف تفسير لا يفلح الساحر حيث اتى.
بلغ هذا التفكير ذروتَه في السنوات الأخيرة حيث ازداد السحرة في العالم و أصبح الوصول إليهم سهلا وتحرص على إبرازها آلة الإعلام الضخمة بمختلف مكوّناتها وأدواتها.
تفسير لا يفلح الساحر حيث اتى
ولا شك أن مثل هذا التصوّر المغلوط والنظرة القاصرة لها حضورٌ عند فئات معينة من المسلمين، وهو ما يستدعي من المختصّين تصحيح المسار وإعادة الأمور إلى مكانها، و علاج هذا التهويل والافتتان بالسحر والسحرة، وذلك من خلال الحديث عن القاعدة العقائدية التي لا يوجد فيها شك، أو ريْب، نستقيها من كتابٍ لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفِه نأخذها من كتاب الله عز وجل: {ولا يفلح الساحر حيث أتى} (طه: 69).
لا يفلح الساحر
هي إشارةٌ عظيمةٌ من الله عز وجل، ولفتةٌ كريمة منه تعالى تؤكّد الخُسران المطلق للساحر و السحرة، جاءت في ثنايا قصّة موسى عليه السلام في لحظة المواجهة بينَه وبين سحرة فرعون، على مرأى من جميع الحاضرين من الناس.
كان ذلك في يوم الزينة ووقت الضحى، حيث اجتمع السحرة من كافة أنحاء و أطراف البلاد يبغون الظفر على نبي الله تعالى، صارخين بأعلى صوتهم: {بعزة فرعون إنا لنحن الغالبون} (الشعراء:44)، ثم ألقوا حبالهم وعصيهم، وقرؤوا تعويذاتهم الباطلة، لتنقلب العصيّ إلى أفاعٍ مخيفة؛ وثعابين سامة، واسترهبوا الناس وجاءوا بسحر عظيم، عند ذلك جاءت الطمأنة الإلهيّة أن كيدهم في ضلال، وأمرهم إلى زوال، فلن يفلحوا و لن ينجحو فقال الله تعالى لنبيه كما جاء في كتاب الله: {وألق ما في يمينك تلقف ما صنعوا إنما صنعوا كيد ساحر ولا يفلح الساحر حيث أتى} (طه:69)، فوقع الحق وانتصر، وانهزم الباطل واندحر.
مفهوم الفلاح المنفي
قبل أن نبدأ في تناول هذه القضيّة يحق لنا أن نسأل: ما هو المقصود بكلمة الفلاح؟ وما المقصود بنفي الفلاح؟ هنا نجد أن فقهاء المسلمين يركّزون على الأسلوب البلاغي الذي جاء به التعبير القرآني: {ولا يفلح الساحر حيث أتى} (طه: 69).
يقولون: أن النكرة اذا جاءت في سياق النفي تفيد العموم، والمقصود بذلك هو أن لفظ (ساحر) جاء مسبوقاً بالألف واللام، وبالتالي أصبح اسماً يشمل كل ساحر –اسم جنس كما يُعبّر اللغويّون-، ثم إن الفعل هنا جاء في سياق النفي، وذلك يكسبه صفة العموم، بمعنى أن الساحر لا يمكن أن يتّصف بالفلاح إطلاقاً، مهما فعل.
وهذا العموم في النفي، يشمل:
- نفي الفلاح في الدنيا: والفلاح في اللغة: البقاء في نعيم الله و خيره، والفوز بما يٌفرح به ويكون فيه صلاح أحواله، وبعبارةٍ أخرى، هو الذي ينال المطلوب وينجو من المرهوب، فالساحر لن يحصل على شيء من هذا.
- نفي الفلاح الأخروي: وذلك لأن الساحر محكومٌ عليه بالكفر إذا كان السحر مما يعظم فيه غير الله تبارك اسمه و تعالى كالكواكب والجن وغير ذلك مما يؤدي إلى الكفر و الشرك بالله، وقد قال تعالى: { وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر} (البقرة:102). قال الحافظ في “الفتح”: ” فإن ظاهرها أنهم كفروا بذلك، ولا يكفر بتعليم الشيء إلا وذلك الشيء كفر، وكذا قوله في الآية على لسان الملكين: { إنما نحن فتنة فلا تكفر } فإن فيه إشارة إلى أن تعلم السحر كفر فيكون العمل به كفرا وهذا كله واضح و معروف عند جمهور أهل العلم “.
في نهاية المقال، لقد قدمنا لكم تفسير لا يفلح الساحر حيث اتى، وكذلك “مفهوم الفلاح المنفي ” بالإضافة إلى نفي الفلاح في الدنيا و نفي الفلاح الأخروي.