تُعَد بطولات الشطرنج أحد الأمثلة المثيرة للاهتمام حول تقاطع حدسنا مع حِسّنا الفكري، وهذا ما اتبعه كارلسن حينما تعلم إتقان لعبة الشطرنج ضد برنامج قوي على الكمبيوتر، معتمدا في ذلك على التوازن بين حسه الفكري وحدسه القوي لهزيمة البرنامج. يقول غاري كاسباروف، مدرب كارلسن السابق (وأسطورة الشطرنج الأشهر)، إن إتقان تلميذه لعبة الشطرنج متأصل في الأساس في امتلاكه “حدسا قويا عميقا لا يمتلكه الكمبيوتر، في هذه المقالة سنتعرف على بطل العالم في الشطرنج.
ماغنوس كارلسن
أصبح ماغنوس كارلسن في نوفمبر/تشرين الثاني عام 2009 أصغر لاعب شطرنج يُحرز المركز الأول في تاريخ اللعبة وقد كان عمره في ذلك الوقت ثمانية عشر عام ، وقد أثبت النرويجي كارلسن بذلك أن تحقيق النجاح ليس مُعقدا، وهو يعتمد فقط على طبيعة النشأة وبعض العادات اليومية التي نلتزم بها، وأكبر دليل على ذلك هو نشأة كارلسن وعاداته اليومية والأسلوب التنافسي الذي يتبناه.
حياته وبدايته
حثه والداه على إكمال واجباته المدرسية، وخلق حياة متوازنة عن طريق التجول في الهواء الطلق، والتعرف على الفنون وتشربها من خلال زيارته للمتاحف بانتظام. تعرف كارلسن على الشطرنج في سن صغيرة بسبب والده، ولكن عندما كان أصغر سنا، فضّل ممارسة هوايات أخرى لتسلية وقته، وقد شجعه والداه على استكشافها بنفسه، فتحقيق توازن بين الاستكشاف الذهني والنشاط البدني يضاعف من تطور عقل الطفل ويجعله مرنا، على عكس معظم عباقرة الشطرنج -الذين تفرغوا بالكامل لهذه اللعبة قبل عيد ميلادهم الثالث عشر- ظل كارلسن في المدرسة حتى بلغ السابعة عشرة من عمره.
عندما بلغ عامين من عمره، تمكن كارلسن من ذكر جميع ماركات السيارات الكبرى في النرويج، وعند بلوغه خمسة أعوام، حفظ دول العالم بأعلامها وعواصمها، والذي دفعه لذلك هي العلاقة التنافسية الصحية التي جمعته بأخته الكبرى، ورغبته المؤجَّجة في التغلب عليها في الشطرنج. وبغض النظر عن الشطرنج، التي تدرب عليها كارلسن لمدة ثلاث إلى أربع ساعات يوميا في طفولته، كانت لديه وسائل ترفيه أخرى، منها: كرة القدم، والتزلج، وقراءة الكتب المصورة.
عندما سُئِل كارلسن إن كان يعتقد أن ظهوره واثقا من نفسه واعتماده حركات مزيفة قد يضلل المنافسين، كان رده: “يعتمد ذلك على شخصية اللاعب، ربما إذا بدوت واثقا، فقد يهتز خصمك ويخشى القيام بالحركة الصحيحة”. تبنى بطل العالم الأميركي في الشطرنج “بوبي فيشر” وجهة نظر مختلفة حينما صرَّح قائلا: “لا أؤمن بعلم النفس، ولكني أؤمن باللعب الجيد، وهذا أهم شيء بالنسبة إليّ.
ألقابه
فاز كارلسن بأربع ألعاب وتعادل في سبعٍ ولم يخسر أي لُعبة، احتفظ كارلسن بلقبه وبعد سلسلة من خمسة تعادلات لافتتاح المباراة، فاز كارلسن في صراعٍ مدته 8 ساعات في اللعبة السادسة و بلغ عدد الحركات في تلك اللعبة 136 حركةً، وكانت بذلك أطول لعبة في تاريخ بطولة العالم للشطرنج. بعد تعادلٍ هادئٍ في اللعبة السابعة، فاز كارلسن بثلاثٍ من آخر أربع ألعاب، اثنتان منها بالقطع السوداء، ليهزم بذلك مُتحديه مع بقاء ثلاث ألعابٍ لم تُلعب.
وبهذا نصل لختام هذا المقال الذي تعرفنا فيه على بطل العالم في الشطرنج، دمتم بخير.