من راقب الناس مات هما، لكل أمة من الأمم التي تعيش وتقطن على الأرض والتي تدبّ بقدميها على سطحها موروثها الثقافي المختص بها الذي يميزها عن غيرها من كافة الشعوب، وذلك الموروث يعبّر بدوره ويصور العديد من أهم الأحداث والمناسبات، والتي تم حصولها خلال التاريخ، ولعل من أكثر أنواع التراث المشهورة “الأمثال الشعبية” والحكم، ويقوم الناس باستعمال هذه الأمثال أو الحكم إذا مرّوا بموضوع أو حدث مشابه للحدث الأصلي الذي تحدثت فيه تلك الأمثال، فيقوموا بالتعبير عنه بمثل أو حكمة، وهكذا تبقى محفوظة في الذهن، حيث يقوم بتداولها الناس جيلًا بعد جيل، مع إضافة ما استجد من أمثال المعبرة عن أحداث الوقت الحاضر.
من راقب الناس مات هما
حيث من المعيب على أي شخص أن يراقب غيره من الناس، من باب الحسد أو نية خاطئة، أو الفضول؛ فينظر إلى ما يمتلكون أو ما بين أيديهم، ويتم بالكشف عن عيوبهم؛ ذلك أنه يمتلك الرغبة، والدافع والموعد ليضيعه فيما لا يعنيه، وهناك العديد من الناس لا ينفكون عن مراقبة الآخرين، حتى تعرف حاضرهم ومستقبلهم، رغم صعوبات الحياة التي ترتفع يومًا تلو الآخر، ويتفق المختصون بأن هذه الظواهر السلبية بشكل كبير.
وتحدّ من إبداع الناس وسيرهم إلى التقدم، وتعتبر من التصرفات التي تكون كل البعد عن الأخلاق والثقافة، والغريب أن هناك من يتمكن من اتقان هذا الدور يأخذ بالتمادي فيه إلى أبعد مما يحق له، ولا شكّ أن الأمثال ما تركت شيئًا إلا وأحاطته بالتعبير، ومثلته وصورته أدقّ التفاصيل في التصوير، ولعل من الأمثال المشهورة، والتي يتحدث بها الناس بشكل هائل مثل: “من راقب الناس مات همًّا”.
أصل مثل من راقب الناس مات همًّا
أما صاحب مثل “من راقب الناس مات همًا”، فهو فنان وشاعر من العصر العباسي يلقب: “سلم بن عمرو” الذي ولد في مدينة البصرة، وقد قال المثل في واحد من قصائد شعره، والذي تحدث فيه: ”من راقب الناس مات همًّا ونال بشهوة الجسور”، وهو من الأبيات الشعرية التي عاشت أعوام طويلة.
وسوف تبقى مع الناس ما دامت الحياة الإنسانية البشرية بالاستمرار، كما أن هذا البيت الشعري كان ومازال أبرز من بيت الشعر الذي تحدث معلمه الشاعر العباسي “بشار بن برد” الذي تحدث في هذا المعنى ومحتواها : “من راقب الناس لم يظفر بحاجته ونال بالطيبات الفاتك القوي اللهج”، وهذه الإطلالة التي كانت السريعة على قصة بيت الشعر المشهور “من راقب الناس مات هما”.
قصص شعبية
أما عن قصة مثل “من راقب الناس مات همًّا”، فيُحكى ويتحدث أنه كانت هناك أسرة صغيرة التي تتكون من رجل و زوجته يعيشان في بيت صغير، ثم إنهما اضطـرا ان ينتقلوا إلى بيت جديد لعل ظروف معيشتهم و أحوالهـم ان تتغير، وبعد أن انتقلوا إلى البيت الجديد، وفي صبيحة اليوم الأول، بينما وهما ويتناولان وجبة الإفطار، تحدثت الزوجة لزوجها، و هي تشير من خلف زجاج الشباك التي تطل على الحديقة التي تشترك بينهما وبين جيرانهما: انظـر يا عزيزي، إن غسيل جارتنا ليس بالنظيف، واحتمال أنها تشتري مسحوق غسيل رخيص.
وفي كل مرة تعلق نفس التعليق المتكرر، و بعـد فترة ليست بالقليلة، احست الزوجة بالاندهاش عندما شاهدت الغسيل يشعّ نظـافة على حبال جارتها، و وتحدثت لزوجـها: انظـر لقد تعلمت جارتنا بالنهاية كيف تغسل، فأجابها الزوج: عزيزتي، لقد استيقظت مبكـرًا هذا الصباح، و وقمت بتنظيف زجاج الشباك التي تشاهدين من خـلالها.
والعبرة هي لعل أجمل أن يمكن ان يتعلمه الإنسان من مثل “من راقب الناس مات همًا”، أنه قد تكـون أخطاء الشخص هي التي تجعله يشاهد أعمال الناس خطأ، فالواجب على الشخص أن يصلح عيوبه قبل أن يقوم بالانتقاد عيوب الآخرين، و لا ننسى القول المأثور: “من راقـب الناس مات هـمًّا”.
في ختام مقالنا هذا الذي بعنوان من راقب الناس مات هما، الذي تحدثنا اهم المعلومات التي تخص المثل الأثور بين الناس والحكمة من قواه واهم العبرة في حياتنا، وختاما نتمنى من الله ان ينال اعجابكم.